من يتصفح الإنترنت، ويتنقل من موقع إلى آخر، فإنه يترك وراءه آثاراً يمكن أن يُستدل منها على العديد من المعلومات؛ إذ تستطيع الشركات المُشغلة لمواقع الإنترنت على سبيل المثال التعرف إلى المنطقة التي يأتي منها زوار الموقع الإلكتروني، وكذلك الشركة المقدمة لخدمات الإنترنت التي يستخدمونها، وكذلك ما إذا كانوا قد زاروا بالفعل الموقع ذات مرة أم لا. ومن حيث المبدأ يستطيع المسؤول عن الموقع الإلكتروني معرفة نوع المتصفح المستخدم ونظام التشغيل المثبت على جهاز الكمبيوتر بالإضافة إلى العديد من التفاصيل التقنية الأخرى المتعلقة بالكمبيوتر الخاص بالمستخدم، فضلاً عن أن عنوان بروتوكول الإنترنت يكون ظاهراً على الدوام لكل مشغلي المواقع الإلكترونية.
وعند استدعاء إحدى صفحات الإنترنت فإنه يتم في كثير من الأحيان تحميل محتويات بشكل إضافي من شركات عدة مقدمة للخدمة في الوقت نفسه، دون أن ينتبه المستخدم إلى ذلك. وأوضح الخبراء أن اللافتات الإعلانية أو مقاطع الفيديو المرتبطة بأحد المواقع الإلكترونية أو حتى الصور في بعض الأحيان تكون موجودة على خوادم (سيرفرات) خارجية، ويتم الاتصال بهذه الخودام أيضاً عند استدعاء موقع الإنترنت، كما أنه يمكن على سبيل المثال التعرف إلى عنوان بروتوكول الإنترنت
(IP)
ولكن يستطيع المرء باستخدام تقنيات مختلفة التمتع بحماية عدم إفشاء الكثير من المعلومات عن نفسه أثناء تصفح مواقع الإنترنت.
ويقول هولغر بلايش، المحرر المتخصص في الكمبيوتر بمدينة هانوفر الألمانية «للأسف لا توجد وسيلة مثالية لإخفاء هوية المستخدم أثناء تصفح مواقع الإنترنت، فجميع الوسائل لها مزايا وعيوب». وفي الوقت الراهن تقدم العديد من البرامج الشائعة لتصفح الإنترنت إعدادات وأوضاع ضبط تُمكن المستخدم من تصفح المواقع الإلكترونية بشكل لا يُستدل منه على هويته. وأضاف بلايش «لكن هذه الإعدادات تمنع فقط تخزين عادات وسلوكيات تصفح الإنترنت على جهاز الكمبيوتر الخاص بالمستخدم، كما أنها تحول دون تخزين ملفات الكوكيز، ولكن ليس بمقدور المتصفح نفسه منع الآثار التي يتركها المستخدم وراءه في الإنترنت أثناء تصفح المواقع الإلكترونية».
وهناك إمكانية أخرى لإخفاء هوية المستخدم أثناء تصفح الإنترنت تتمثل في البرامج والخدمات التي تقوم بتوجيه حركة الإنترنت عن طريق ما يُعرف باسم خادم البروكسي. وأوضح بلايش «في هذه الحالة يظهر دائماً على المواقع التي يتم زيارتها عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بخادم البروكسي فقط». وبهذه الطريقة يتم منع المتاجر الإلكترونية مثلاً من التعرف إلى المستخدمين مرة أخرى.
ومن يرغب في التأكد من إمكانية عدم تعقب البيانات الخاصة بالمواقع الإلكترونية التي يزورها، يجب عليه الاعتماد على وسائل حماية أكثر تعقيداً، وهنا يوضح خبير الكمبيوتر الألماني «أفضل طريقة للتمويه على هوية المستخدم أثناء تصفح الإنترنت هي الاستعانة بخدمات إخفاء الهوية، التي يتم من خلالها تقطيع الاستفسار وتوجيهه عبر خودام كثيرة، بحيث يصبح من غير الواضح المكان الذي جاء منه الاستفسار في الأصل».
غير أن هذا الإخفاء الحقيقي للهوية ينطوي على عيب خطير، يتمثل في تباطؤ سرعة نقل البيانات بشكل واضح نتيجة كثرة عمليات التحويل. ويقول بلايش «يتطلب تنزيل الملفات الكبيرة الحجم الانتظار لمدة طويلة بشكل لا يُطاق».
Hanane Allioui
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق